عشية رحلتي إلى إسطنبول التقيت به للمرة الأولى في حلمي. يبدو ذلك منذ وقت طويل الآن. لكننا أصبحنا أصدقاء جيدين في الآونة الأخيرة. بانتظام، الدردشة حول العالم والكون. في البداية لم أتعرف عليه. كان رجل مسن ذو مظهر عادي، رجل ملتح يرتدي رداء أبيض وقبعة مخروطية الشكل، مشغولًا بالتحدث إلى جمهوره، جمهور صغير، حوالي 30 أو نحو ذلك من الطيور الصغيرة الجميلة التي تتغذى على الحبوب وقطع الخبز أمامه. انحنيت إلى الأمام باحترام لأحييه ثم جلست بجانبه على المقعد. كان اسمه مولانا جلال الدين الرومي. 30 سبتمبر 1207 – 17 ديسمبر 1273. كان شاعرًا متقاعدًا وعالمًا ومفكرًا. أثناء المحادثة قررت أن أطرح بعض الأسئلة. بعد كل شيء، كنت في حضور حكيم.
أنا: عندما أنظر حولي أرى الكثير من الناس يعانون ويشعرون بعدم السعادة في حياتهم، ما السبب؟
الرومي: السعادة تسكن حيثما أزال الإنسان مخاوفه، فالخوف مبني على القلق والقلق الذي يتأثر بالأنا. تخلق الأنا منطقة راحة لنفسها، وتوقف أي نمو أو تقدم ذاتي.
عندما لا يحدث أي تغيير في الحياة، لا يشعر بالحب، الحب هو قوة ديناميكية. في غياب الحب، يبدأ الخوف بالزحف ببطء. الخوف هو الألم والألم يجعل الإنسان ينكمش، على سبيل المثال. توقف الناس عن العمل الخيري بسبب الخوف من الفقر. وبالمثل، فإن الأنا تقاوم التغيير، وبالتالي لا تقدم. إزالة الألم من قلبك (لم يعد يغذي الأنا)، يجلب الانسجام الداخلي. الانسجام في كل شيء، أي ما تفكر فيه وتقوله وتفعله.
الحزن يعدك للفرح. لذا اتخذ قرارات لجعل مستقبلك أفضل، على سبيل المثال. تعلم مهارات جديدة والمشاركة في تحسين الذات؛ العلاج الشافي هو أن تكون مبدعًا، وستعود السعادة، كما هي دائمًا.
لكن هذا ليس النجاح الحقيقي!
أنا: ما هو النجاح الحقيقي وكيف يمكن تحقيقه؟
الرومي: وجهة نظر! المنظور مهم، إدراك أن هذه الحياة الأرضية هي مجرد بيت ضيافة. ومن هذا المنظور، فإن المبادئ الأساسية للنجاح بسيطة؛ أجهد نفسك حقًا على الطريق؛ لا تتعمد أبدًا إيذاء أي شخص أو أي شيء، وكن دائمًا مصدر الفائدة لمن حولك.
وتذكر أن النجاح ما هو إلا وهم في غياب الحب للحبيب. ولا تنسوا، باستثناء السجود، أن جميع أنواع العبادات المذكورة في القرآن مرتبطة بحب الإنسانية. لذا اسعوا نحو حب الإنسانية وسيجدكم النجاح. فالحب هو الذي يعيد المرونة في النفس الإنسانية.
أنا: إذا كان الحب سائدًا إلى هذا الحد، فلماذا نميل إلى تدمير الذات؟
الرومي: لا يمكن للنور والظلام أن يسكنا في نفس المكان في نفس الوقت، بل يجب أن يتواجدا ويتغيرا المكان بشكل دوري. وهكذا فإن الظلام والنور يطاردان بعضهما البعض باستمرار. لكن الحب والظلام لا يختلطان أبدًا. إنها الأنا التي تأخذ الإنسان في طريق التدمير الذاتي نحو الظلام. الأنا هي سيد خطير إذا اخترت استعباد نفسك لها. أولئك الذين دمروا أنفسهم فعلوا ذلك لأنهم اتخذوا من غرورهم سيدًا لهم. الطريق إلى التنوير يكمن في حب الإلهي (الحبيب)….
علاج المتألمين هو كثرة الشرب من حانة الحب والمعرفة….
ثم أيقظني ضوء الفجر الجديد من نومي، ولم أعد في عالم الأحلام.
من قصيدة: الفقير والمسجون
نبذ هذه العواطف من أجل الأشكال الخارجية،
الحب لا يعتمد على الشكل الخارجي أو الوجه.
كل ما هو محبوب ليس مجرد شكل فارغ،
سواء كان حبيبك من الأرض أو من السماء.
مهما كان الشكل الذي وقعت في حبه،
لماذا تتخلى عنه لحظة رحيل الحياة عنه؟
النموذج لا يزال موجودا. فمن أين إذن هذا الاشمئزاز منه؟
آه! أيها الحبيب، فكر جيدًا في ما هو حبيبك حقًا.
فإذا كان الشيء المدرك بالحواس الظاهرة هو المحبوب،
إذًا يجب على كل من يحتفظ بحواسه أن يحبها؛
وبما أن الحب يزيد الثبات،
كيف يمكن أن يفشل الثبات بينما يبقى الشكل؟
~الرومي~
مرجع الكتاب:
الرومي، مولانا جلال الدين محمد. 2008، المثنوي أنا معنوي الرومي، الكتب المنسية




