“لقد قضى العامان الماضيان على مقومات أساسية للحياة الطبيعية في غزة”.
تقرير من الزوايدة بغزة —
بعد مرور عامين على الحرب المدمرة في غزة، لا يزال السكان يعانون من كابوس لا ينتهي. لقد تركت الحملة العسكرية الإسرائيلية المتواصلة، والتي بدأت في أكتوبر/تشرين الأول 2023، القطاع في حالة خراب، وقضت على كل جانب من جوانب ما كان يشبه الحياة الطبيعية تقريبًا.
للحصول على آخر الأخبار والتحديثات، قم بزيارة موقعنا على الإنترنت استعادة العقل
عامان من الدمار المتواصل
إن الذكرى السنوية الثانية للحرب لا تمثل القدرة على الصمود، بل البقاء على قيد الحياة. الشوارع التي كانت تعج بالضحك والأسواق وضجيج الحياة اليومية، أصبحت الآن مدفونة تحت الأنقاض.
بالنسبة لسكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، لم يعد “الطبيعي” موجودا. فلا عودة إلى الوطن، ولا إعادة إعمار، ولا محاصيل، ولا إحساس بالتعافي. وما تبقى هو صدمة جماعية – حالة مستمرة من الخوف والجوع والخسارة.
ويصف السكان الحياة بأنها “حلقة زمنية من الدمار”. أصبحت الغارات الجوية بمثابة الساعة التي تقاس بها الأيام، لتحل محل إيقاع الأعراس والمدارس والصلوات. وقال أحد المعلمين النازحين: “لم نعد نحسب الأيام بالتواريخ”. “نحن نحصيهم بالتفجيرات”
انهيار الحياة المدنية
لقد شهد العامان الماضيان انهيار البنية التحتية في غزة. وقد دمرت المستشفيات أو تركت بدون إمدادات طبية. ويستمر انقطاع التيار الكهربائي لمدة تصل إلى 20 ساعة يومياً، كما أن المياه النظيفة نادرة.
وتصطف العائلات لساعات طويلة للحصول على الحد الأدنى من الخبز والماء، وغالباً ما يكون ذلك تحت تهديد تجدد القصف. ويعاني الأطفال من سوء التغذية والصدمات النفسية، فيما تنتشر الأمراض في الملاجئ المكتظة.
وقد وصف مراقبو حقوق الإنسان الوضع بأنه “كارثة إنسانية مدبرة”. وكثيراً ما تتأخر قوافل المساعدات أو تُعاد أدراجها، كما أدى نقص الوقود إلى شل المستشفيات والعمليات الإنسانية.
دورة لا نهاية لها من اليأس
وعلى الرغم من الاستنكار العالمي، يجد سكان غزة أنفسهم محاصرين فيما يسميه الكثيرون “إبادة جماعية تسير ببطء”. وأدى تدمير المنازل والبنية التحتية العامة إلى نزوح أكثر من 1.8 مليون شخص داخل الجيب.
وعلى الرغم من الاستنكار العالمي، يجد سكان غزة أنفسهم محاصرين فيما يسميه الكثيرون “إبادة جماعية تسير ببطء”. وأدى تدمير المنازل والبنية التحتية العامة إلى نزوح أكثر من 1.8 مليون شخص داخل الجيب….
وقد لخص صحفي مقيم في غزة الوضع قائلاً: “لم يعد الأمر مجرد حزن، بل إنه ارتباك. الناس لا يعرفون إلى أين ينتمون. لقد محت الحرب كل ما جعل من غزة وطناً لهم”.
وقد لخص صحفي مقيم في غزة الوضع قائلاً: “لم يعد الأمر مجرد حزن، بل إنه ارتباك. الناس لا يعرفون إلى أين ينتمون. لقد محت الحرب كل ما جعل من غزة وطناً لهم”….
أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم الاثنين، أن قذيفة أطلقت من شمال قطاع غزة سقطت في منطقة مفتوحة داخل إسرائيل. وتم إطلاق صافرات الإنذار، دون الإبلاغ عن وقوع إصابات.
ويسلط هذا الحادث القصير الضوء على هشاشة الوضع، مع استمرار إطلاق الصواريخ بشكل متقطع على الرغم من مفاوضات وقف إطلاق النار الجارية.
الجهود الدبلوماسية: الأمل وسط الأنقاض
وفي الوقت نفسه، تتواصل الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب. بدأت الجولة الأخيرة من المحادثات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس، بوساطة مصرية وجهات فاعلة دولية أخرى، في منتجع شرم الشيخ على البحر الأحمر.
ووصفت مصادر قريبة من المفاوضات اليوم الأول بأنه “إيجابي”، حيث حدد الجانبان خارطة طريق لمواصلة المناقشات. ومن المتوقع أن تستأنف المحادثات يوم الثلاثاء وسط تفاؤل حذر بشأن اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار.
خطة ترامب المكونة من 20 نقطة للسلام تدخل حيز النقاش.
في موازاة ذلك، تحول الاهتمام الدولي إلى “خطة العشرين نقطة” المقترحة التي قدمها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والتي تهدف إلى تحقيق هدنة طويلة الأمد وإطار إعادة إعمار غزة.
وبحسب ما ورد تتضمن الخطة بنوداً تتعلق بغزة منزوعة السلاح تحت إشراف دولي، وإعادة بناء البنية التحتية الحيوية، وإجراء إصلاحات سياسية على مراحل. ومع ذلك، أعرب الممثلون الفلسطينيون عن شكوكهم، واصفين إياه بأنه “حل خارجي مفروض دون معالجة الأسباب الجذرية”.
الخسائر البشرية: الأرواح المفقودة والمستقبل المسروق
منذ اندلاع الصراع في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أفادت وزارة الصحة في غزة بمقتل أكثر من 67 ألف فلسطيني، من بينهم آلاف النساء والأطفال. وهناك عشرات الآلاف الآخرين في عداد المفقودين أو يفترض أنهم لقوا حتفهم تحت الأنقاض.
والأضرار النفسية لا تقدر بثمن. وأصبح الآن آلاف الأطفال أيتاماً، ويعاني العديد من الناجين من الصدمات غير المعالجة. وقال منسق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة: “لقد قضى العامان الماضيان على أجيال بأكملها”. “لقد سُرق الإحساس بالمستقبل.”
أصوات من غزة
وعلى الرغم من الدمار، يواصل سكان غزة إظهار قدرتهم على الصمود. ولا تزال المطابخ المجتمعية، والمدارس المؤقتة، والوحدات الطبية تحت الأرض تعمل رغم كل الصعاب.
وقالت فاطمة، وهي أم لأربعة أطفال في خان يونس: “كل صباح أستيقظ وأشكر الله أننا مازلنا على قيد الحياة. لكن البقاء ليس العيش. نريد أن نعيش بكرامة، وليس مجرد التنفس تحت القنابل”.
إدانة دولية وتقاعس
وفي حين أدانت المنظمات العالمية العمليات العسكرية الإسرائيلية، فإن التدخل الدولي الملموس لا يزال محدودا. ودعت الأمم المتحدة إسرائيل مراراً وتكراراً إلى رفع حصارها وضمان وصول المساعدات الإنسانية.
ووصفت جماعات حقوق الإنسان، بما في ذلك منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، الحملة المستمرة بأنها “عقاب جماعي” وحثت القوى العالمية على اتخاذ إجراءات أقوى.
ومع ذلك، تؤكد إسرائيل أنها تتصرف دفاعًا عن النفس في أعقاب الهجوم الذي قادته حماس في عام 2023، والذي أسفر عن مقتل حوالي 1200 شخص وأدى إلى أسر أكثر من 250 رهينة.
مستقبل غزة: بين الركام والمقاومة
مع دخول غزة عامها الثالث تحت الحصار، يواجه شعبها خيارًا قاتمًا: الصمود أو الهروب. ولكن مع إغلاق الحدود وحصار البحر، ليس هناك مكان نذهب إليه.
ولم تعيد الحرب تعريف جغرافية غزة فحسب، بل أعادت تعريف هويتها. لقد تحول هذا الجيب الساحلي الذي كان مزدهرًا في السابق إلى مشهد من الخراب، ومع ذلك لا يزال سكانه متمسكين بالأمل في العدالة والسلام.
وقال أحمد البالغ من العمر 23 عاماً من دير البلح: “ربما نسينا العالم، ولكننا ما زلنا هنا. وغزة تتنفس من جراحها”.




