صناع السلام
قبل ما يزيد قليلاً عن عامين، في 10 مارس 2023، لعبت الصين دورها كصانع للسلام وتوسطت في اتفاق بين إيران والمملكة العربية السعودية لإعادة العلاقات الدبلوماسية. واستغربت وسائل الإعلام العالمية هذا التطور المفاجئ، حيث كان يُنظر إلى السعوديين دائما على أنهم دمى في يد أمريكا. لقد سعى الأميركيون دائماً إلى خلق الفتنة بين الإيرانيين والعرب كجزء من سياسة فرق تسد في الشرق الأوسط.
قام دونالد ترامب مؤخرًا برحلة إلى الشرق الأوسط. ركزت وسائل الإعلام على الصفقات التجارية الكبرى التي حصل عليها فريق ترامب. ولكن هل كانت الرحلة تتعلق بالعمل فقط؟ ويشير التدقيق الدقيق في الأحداث الجيوسياسية إلى أن شيئًا أكبر بكثير كان يحدث خلف الكواليس.
هل تراجع ترامب عن اتفاق السلام؟
قبل الذهاب إلى رحلته إلى المملكة العربية السعودية، أوقف دونالد ترامب أربع قاذفات من طراز B-52 وستة قاذفات من طراز B-2 في جزيرة دييغو جارسيا. هذه الطائرات لا توجد بدون هدف، وهذا الهدف ليس دبلوماسية الزوارق الحربية.
ولنتذكر أن دونالد ترامب هو الذي انسحب، خلال فترة ولايته السابقة، من الاتفاق النووي الإيراني، المعروف أيضا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، في 8 مايو/أيار 2018. والآن يتفاوض فريق ترامب مع إيران منذ عدة أشهر. إن الغرض من هذه المفاوضات الجديدة ليس السعي إلى التوصل إلى اتفاق سلام جديد، بل توفير الذريعة لشن هجوم على إيران.
هناك مشكلة واحدة فقط. أمريكا مفلسة ولديها مشكلة ديون ضخمة تزيد عن 37 تريليون دولار. ولا يمكنها تمويل حرب أخرى. وهذا يتطلب رحلة إلى الشرق الأوسط، أو نقول إلى ماكينة الصراف الآلي. لم يخيب العرب السذج حملة تمويل الحرب التي قام بها دونالد ترامب. تمكن من سحب أكثر من 2 تريليون دولار من أجهزة الصراف الآلي الأمريكية.
ربما لاحظتم أن دونالد ترامب لم يقم بزيارة إسرائيل خلال هذه الرحلة. ويعتقد كثير من الناس أن الأميركيين استبعدوا نتنياهو. بل على العكس من ذلك، كانت الرحلة تهدف إلى تمويل حروب إسرائيل، وخاصة الحرب القادمة التي تطمع فيها إسرائيل بشدة ضد إيران. التوقيت هو كل شيء.
هل أطلق العرب النار على أقدامهم؟
من المؤكد أن دونالد ترامب أعاد إشعال التحالف بين الولايات المتحدة والسعودية، لكن هل تمكن من إعادة إشعال العداء الإيراني السعودي أيضا؟ لا بد أنه ناقش الهجوم المرتقب على البنية التحتية الإيرانية مع العرب، وقد اختاروا التبرع بالمليارات على الرغم من علمهم بأن الحرب في المنطقة وشيكة.
ويبدو أن فريق ترامب باع وهم الأمن للأنظمة العربية وأقنعها بالبقاء في السلطة في المستقبل المنظور. وبعد اقتناعهم بوعود ترامب، سلموا المليارات.
لذا، إذا هاجمت أمريكا وإسرائيل إيران، فهل سيأخذ الإيرانيون رحلة دونالد ترامب بعين الاعتبار؟ فهل سيختار الإيرانيون، عند الانتقام، تجنب العرب؟
لقد جلب العرب على أنفسهم كارثة جديدة. فهل يؤدي السيناريو المتكشف إلى جولة أخرى من الحروب العربية الإيرانية، أم أن اللاعبين الإقليميين سوف يدركون المنطق السليم ويتجنبون حرباً أكثر تدميراً في المنطقة؟
اسمحوا لي أن أعرف آرائكم في قسم التعليقات.




