إسلام آباد/الرياض – 18 سبتمبر 2025 – في تطور يهز جنوب آسيا والشرق الأوسط على حد سواء، وقعت باكستان والمملكة العربية السعودية اتفاقية تاريخية للدفاع الاستراتيجي المتبادل في الرياض، وتعهدتا بأن أي هجوم على أي من الدولتين سيعامل على أنه هجوم على كليهما. وتأتي هذه الاتفاقية، التي أبرمها رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في قصر اليمامة، بعد أيام فقط من الضربة الإسرائيلية غير المسبوقة على قطر، مما أثار القلق في جميع أنحاء العالم الإسلامي.
ولكن خلف المصافحات الرسمية والتحية العسكرية، يطرح المحللون والمؤمنون على حد سواء سؤالاً أعمق بكثير: هل هذا الميثاق يتعلق بالدفاع فقط، أم أنه جزء من صراع أكبر ضد القوى العالمية – وربما حتى علامة مرتبطة بعودة الإمام المهدي المنتظر؟
ميثاق تاريخي ذو أعماق خفية
على مدى عقود، تشاركت المملكة العربية السعودية وباكستان شراكة دفاعية متجذرة في الإيمان والنفط والتعاون العسكري. فقد قامت القوات الباكستانية بتدريب الآلاف من الأفراد السعوديين، في حين أن أفراد العائلة المالكة السعودية لطالما موّلت باكستان في أوقات الأزمات. ومع هذه الاتفاقية الجديدة، تم رفع مستوى التعاون إلى مستوى الالتزام الملزم، مما يجعل باكستان حارسًا فعليًا لأمن المملكة.

ومع ذلك، لا يمكن تجاهل توقيت هذا الاتفاق – مباشرة بعد الضربات الإسرائيلية الجريئة في الدوحة – لا يمكن تجاهله. ويشير المحللون إلى أن المملكة العربية السعودية لم تعد تراهن في بقائها على واشنطن بل تحولت بدلاً من ذلك إلى إسلام آباد، القوة الإسلامية المسلحة نووياً، من أجل الحماية.
الجدل الأكبر؟ يعتقد الكثيرون الآن أن الاتفاق يتعلق بحماية الرياض من تل أبيب بقدر ما يتعلق بالتحضير لمواجهة أكبر أصبحت فيها النبوءة الدينية والتنافس الجيوسياسي متلازمين.
إسرائيل وقطر وظلال حرب أكبر، إسرائيل وقطر وظلال حرب أكبر
كانت الضربة التي وجهتها إسرائيل لقادة حماس في قطر أكثر من مجرد عملية عسكرية، بل كانت عملاً رمزياً هز ثقة دول الخليج. إذا كانت قطر، وهي واحدة من أغنى دول العالم، يمكن أن تتعرض للهجوم دون عواقب، فماذا يعني ذلك بالنسبة للمملكة العربية السعودية، حاضنة الحرمين الشريفين؟

بالنسبة للبعض، أكد هذا الهجوم المخاوف التي طالما تهامست بها الأوساط الإسلامية: أن إسرائيل تختبر حدود قوتها ونفوذها في المنطقة. ومع ارتباط باكستان الآن رسميًا بالدفاع السعودي، فإن أي عدوان مستقبلي قد لا يكون قضية ثنائية بل قضية تستقطب القوة النووية الوحيدة في العالم الإسلامي.
الإمام المهدي أم الاستراتيجية الجيوسياسية؟
هناك تكهنات متزايدة بين العلماء والدعاة والمؤمنين العاديين: هل يمكن أن يكون هذا الميثاق الدفاعي أيضًا علامة على نبوءة آخر الزمان؟ في علم آخر الزمان، يتم التنبؤ بظهور الإمام المهدي خلال فترة من الفوضى العالمية، عندما يهيمن الظلم والاضطهاد.
ولذلك فقد أثارت الصفقة جدلًا – ليس فقط حول الردع ضد إسرائيل أو الهند، ولكن أيضًا حول ما إذا كانت الدول الإسلامية تتموضع دون علمها لمواجهة إلهية أكبر. ويرى البعض أن الأمر لا يتعلق بالسياسة الدفاعية الحديثة بقدر ما يتعلق بتحقيق نبوءة حتمية حيث ستتشكل التحالفات بين الأمم الإسلامية قبل المعارك النهائية للحق والباطل.
عدم ارتياح الهند وصمت إيران
وقد أعربت الهند بالفعل عن مخاوفها بشأن الاتفاقية، حيث أعربت عن قلقها من أن المظلة الأمنية الباكستانية الجديدة قد تشجع إسلام آباد في جنوب آسيا. وقد أشارت نيودلهي إلى أنها “ستدرس الآثار المترتبة على ذلك”، على الرغم من أن العديد من المحللين يرون أن هذا الأمر أقل من الواقع – خاصة وأن باكستان خاضت مؤخرًا نزاعًا قصيرًا ولكن ساخنًا مع الهند في مايو 2025.
وفي الوقت نفسه، التزمت إيران الصمت بشكل ملحوظ. فلسنوات، نظرت طهران إلى المملكة العربية السعودية كمنافس لها وإلى باكستان كدولة متأرجحة محتملة. ومع هذه الصفقة، تواجه إيران معضلة استراتيجية: هل تواجه جبهة باكستانية سعودية موحدة أم تنتظر لترى إلى أي مدى سيجر هذا الاتفاق البلدين إلى صراعات ليس فقط مع إسرائيل بل ربما مع الولايات المتحدة؟
الأسئلة النووية والمظلة السعودية
ونظراً لأن باكستان هي القوة النووية الوحيدة ذات الأغلبية المسلمة في العالم، فقد تصاعدت التكهنات حول ما إذا كان هذا الاتفاق يوفر للسعودية مظلة نووية بحكم الأمر الواقع. ولم تعترف أي من الحكومتين بمثل هذا الضمان، ولكن بالنسبة لإسرائيل – وربما حتى واشنطن – فإن الآثار المترتبة على ذلك واضحة: فالرياض الآن لديها الآن إمكانية الوصول إلى الردع النووي أكثر من أي وقت مضى.
وهذا بدوره يثير الفكرة المثيرة للجدل: هل أصبحت باكستان الآن درع العالم الإسلامي، ليس فقط ضد الأعداء الدنيويين مثل الهند أو إسرائيل، ولكن استعدادًا لمعركة أكبر بكثير مرتبطة بالنبوة نفسها؟
نظام عالمي متغير
يتفق خبراء العلاقات الدولية على أن هذا الاتفاق يشير إلى تحول كبير في ميزان القوى. فلم يعد بإمكان الخليج الاعتماد على موثوقية الولايات المتحدة. فقد وضعت باكستان نفسها كركيزة عسكرية للعالم الإسلامي. ومع قيادة المملكة العربية السعودية للاتفاق، قد تتبعها دول أخرى – من الإمارات العربية المتحدة إلى قطر – قريبًا.
لكن التيار الخفي لا يزال مثيراً للجدل. فبالنسبة للبعض، فإن ميثاق الدفاع ليس مجرد عمل من أعمال الدولة بل هو بمثابة طلقة تحذيرية للنخب العالمية: فالعالم الإسلامي يستعد، سواء للعاصفة الجيوسياسية التي تختمر مع إسرائيل أو للقدوم المتوقع للإمام المهدي الذي يقول المؤمنون إنه سيوحد المسلمين ضد الظلم.
الخاتمة بين تل أبيب والنبوءة
يتم الترحيب باتفاقية الدفاع الاستراتيجي المتبادل بين باكستان والمملكة العربية السعودية باعتبارها اتفاقية تاريخية. فبالنسبة لباكستان، هي اعتراف بدورها كأقوى قوة عسكرية في العالم الإسلامي. وبالنسبة للمملكة العربية السعودية، فهي بمثابة تأمين ضد التطويق من قبل إسرائيل وحلفائها.
ولكن تحت السطح، أشعل هذا الحلف جدلاً يتجاوز السياسة. حيث يرى البعض أنه خطوة عملية ضد أعداء العالم الحقيقيين، بينما يفسره البعض الآخر على أنه علامة على لعبة النبوءة الكبرى التي تتكشف، حيث يتم تشكيل التحالفات ليس فقط للدفاع الدنيوي ولكن للمعارك التي تنبأ بها الكتاب المقدس: هل تحتاج المملكة العربية السعودية إلى الإنقاذ من العدوان الإسرائيلي المتزايد – أم أنها تستعد، عن علم أو عن غير علم، لعودة الإمام المهدي التي طال انتظارها؟




